أمل لا ينطفئ: حكاية امرأة من الصقلاوية
في بلدة الصقلاوية بمحافظة الأنبار، تختبئ خلف جدران البيوت قصص لم تُكتب بعد، وحكايات أناس فقدوا أحبتهم في خضم الصراع، تاركين وراءهم فراغًا لا يملؤه سوى الأمل. من بين هذه القصص، تبرز حكاية امرأة فقدت زوجها منذ سنوات، لكنها ما زالت تنتظر عودته.
حلم بيت لم يكتمل
تحكي الزوجة أنّ زوجها، بعد أن حصل على قطعة أرض صغيرة، كان في قمة سعادته، يحلم بإكمال بناء البيت وتأمين مستقبل أطفاله عبر التعليم. لكن الحلم لم يكتمل؛ سنة واحدة فقط فصلت بين بداية مشروعه واختفائه المفاجئ في ظروف غامضة.
غياب يثقل القلب
في إحدى لياليها، رأته في المنام يخبرها أنه على قيد الحياة، محتجز في أحد السجون، ويطلب منها أن تأتي إليه. ومنذ ذلك الحين، بدأ البحث المضني في كل سجن يمكن أن يتواجد فيه، لكن النتيجة كانت دائمًا الصمت… لم يظهر اسمه في أي قائمة، ولم يعثروا على أي أثر له.
أم وأب في آن واحد
تصف المرأة حياتها اليوم بأنها رحلة شاقة، فهي الأم والأب لأطفالها، تتحمل أعباء التربية والحياة اليومية وحدها. بين الحين والآخر، تعجز عن حبس دموعها، خاصة حين يثقل عليها الحمل النفسي. ورغم ذلك، فإنها متمسكة بإيمانها بأن الله سيعيد الغائب يومًا ما، حتى لو طال الانتظار عشرين عامًا.
ذكريات حيّة في النخيل
قبل رحيله، زرع زوجها نخيلًا وأشجارًا في محيط البيت، وما زالت هذه النباتات تكبر مع مرور السنوات، شاهدة على أثره ومصدرًا لصبرها. بالنسبة لها، تلك الأشجار ليست مجرد نباتات، بل رسائل صامتة بأن الغائب ما زال حيًا في الذاكرة والوجدان.
سياق أكبر من الحكاية الفردية
قصة هذه السيدة ليست حالة استثنائية في الصقلاوية. فقد شهدت المنطقة خلال السنوات الماضية حوادث اختفاء قسري واعتقالات غامضة طالت عشرات الرجال، ما خلّف وراءهم نساءً يتحملن مسؤولية إعالة أسرهن في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة. وعلى الرغم من المطالبات الحقوقية والإنسانية بكشف مصير المفقودين، لا تزال كثير من هذه الملفات عالقة دون حل، لتبقى مثل هذه الحكايات جزءًا من ذاكرة المدينة.
الأمل… آخر ما يتبقى
في النهاية، تلخص السيدة قصتها بجملة واحدة: “حتى لو صارت 20 سنة، أملي بالله إنه يرجع”. وبينما تظل الإجابات غائبة، يبقى الأمل حاضرًا، يمدّ هذه المرأة بالقوة لتكمل الطريق، ويجعل من قصتها مرآة لوجع جماعي لا يعرف اليأس.
