حين يغيب السند … حكاية أسرة فقدت معيلها قسرًا
في زوايا بيت متواضع، تجلس أم وأطفالها يطاردهم الفراغ والذكريات. كان العيد بالنسبة لهم زمنًا للفرح، حيث لا يمر دون أن يعود رب الأسرة محملًا بالملابس الجديدة، وأشهى الأطعمة، وكل ما يسعد قلوبهم الصغيرة. كان يعمل بجهد في البناء، يوفّر لهم حياة كريمة، ويملأ أيامهم بالأمان.
لكن ذلك الأمان انكسر فجأة. رحل الأب قسرًا، وغاب أثره، وترك وراءه عائلة تتخبط في صراع الحياة بلا سند. تصف الأم المأساة بدموعها: “إتبهذلنا، دمرنا، ما بقى عندنا أي شيء… الناس هي التي تتصدق علينا، ما عدنا قرش. أنت سندنا الوحيد، رحت وخليتنا”.
بالنسبة لها، الدنيا فقدت معناها بعده. لم تعد ترى فيها ما يستحق العيش، سوى انتظار لا تعرف نهايته، وأمل مكسور يتآكل مع مرور السنوات. تتساءل بحرقة: “صار كم سنة؟ وينه؟”، وكأن السؤال ذاته أصبح أنينًا يرافقهم كل يوم.
هذه القصة ليست مجرد حكاية أسرة واحدة، بل هي وجه من وجوه مأساة الغياب القسري الذي يترك فراغًا لا يملؤه شيء، ويحوّل العيد من زمن للفرح إلى موعد مع الحزن، ومن يوم للذكرى إلى تاريخ يثقل القلب بالألم.
